بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله منزل الكتاب بالحق والعدل ليقوم الناس بالقسط، وليحكم بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه.. والصّلاة والسلام على من أُنزل عليه القرآن رحمة وهدى وبشرى للمسلمين، فقام بتبينه حق التبيين، وأقام خُلُقه على آياته، وجاهد به جهاداً كبيراً، وجاهد أعداءه حق الجهاد حتى أتاه اليقين..
أما بعد
فهذه صفحات شريفة فُتحت بطُهر لتبيييض علمٍ شريف طاهرٍ يؤسِّس قوائم الارتكاز لفهم كتاب الله عز وجلّ الطاهر، ويقيم قواعد البيان لمعانيه ومقاصده وأحكامه ، ويرجّع الأصول التي قامت عليها مدارس التفسير لكتاب الله تعالى، ويعبّد طرائق التعامل مع القرآن العزيز، إسهاماً في التقعيد والتأصيل لهذا الباب الأصيل من العلم الشرعي الذي بدونه لا يُفهم شرعٌ، وبغيره لا يُعرفُ حقَّ المعرفة ما أنزله الله من كتاب لهداية العالمين وتطيب حياة البشرية في الدارين.
إنها ورقات قُصد من تأليفها جمع أصول لعلم التفسير وقواعده في مقدمات أصولية لعلم تفسير القرآن الكريم تبدأ الآن ببعض أبوابه ومداخله.
ولقد كثرت التآليف والتصانيف في عموم هذا العلم، ولكن! تركيزاً على علوم القرآن، وكان الأولى ـ ولا يزال ـ تخصيص هذا العلم بمصنّف جامع لأصوله وقواعده، خاصة وأن الغاية من معرفة جميع علوم القرآن هي التمكّن من تفسير كتاب الله كما يجب ويلزم، فلمّا لم نرَ إلا القليل من المؤلفات التي خصّت هذا الباب بالتصنيف والتأليف([1]) ؛ تأكد العزم وتوجّه القصد إلى الإسهام بإظهار ما ينفع طلاب التفسير ومحبيه، ومايعينهم على الإقدام بلا تخوّف ولا تردّد نحو تقليب صفحات القرآن، ونشر سوره، والاطمئنان إلى صحة الوقوف على معانيه تفسيرا وتأويلاًً.
إلا أنّا قصدنا استتباع الجمع بما يتيح النشر لتمكين الاطّلاع والدراسة، فآثرنا أن يكون التجميع لهذه الأبواب الأصول على مراحل حتى نستكمل المطلوب بإذن الله تعالى، ليكون نصيب المرحلة الأولى الاكتفاء بمصادر التفسير واتجاهاته مع بيان مفهوم التفسير وأهميته ومكانته.
لهذا استدعى البحث أن نجعله في ثلاث فصول، مع المقدمة والخاتمة وهي:
الفصل الأول: في بيان معنى التفسير والتأويل وفي بيان العلاقة بينهما، وأهمية التفسير ومكانته، وذلك في مبحثين.
المبحث الأول: عقدناه في تعريف التفسير والتأويل، والكلام على العلاقة بين التفسير والتأويل،مع محاولة لتبيين التأويل المقبول والتأويل المردود ومواصفاتهما، وأحكام التأويل المقبول.
والمبحث الثاني: عقدناه في الكلام على أهمية التفسير ومكانته.
أمّا الفصل الثاني: فقد جُعل في المصادر التي يفسّر منها طالب التفسير ويصل باعتمادها إلى معاني القرآن ويجد فيها بيانه. هذه المصادر تناولت منها خمسة مصادر، هي: القرآن الكريم، والسنّة النبوية، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين، ومصدر اللغة. فبيّنا أهمية كل مصدر بالنسبة لتفسير القرآن به. وأثره في التفسير.
أمّا الفصل الثالث: فإنه يتكلم على الاتجاهات التي نحا إليها المفسرون في تفسيرهم لكتاب اللهعز وجل، وهي اتجاهات كثيرة ركّزت منها على ثلاثة اتجاهات، هي:الاتجاه المصدري، والاتجاه الموضوعي، والاتجاه المذهبي.
هذا، والله تعالى أسأله أن يوفِّق ويعين، وأن يؤيد هذا العمل بسداده حتى يكتمل وينضج، فيثمر خيراً ونفعاً للمقتصدين والمجتهدين، وطالبي التفسير، والساعين لتلاوة القرآن بفهم وتدبّر، ومن ثمّ الاتباع والاحتكام لأوامره ونواهيه وشرائعه وتعاليمه وآدابه.
وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه..
.. والحمد لله رب العالمين..
الفقير إلى رحمة ربه
د. عبد الله الزبير عبد الرحمن
([1]) مثل: مقدمة في أصول التفسير، لشيخ الإسلام ابن تيمية، والفوز الكبير في أصول التفسير، لولي الله أحمد بن د الرحيم الدهاوي، وأصول التفسير للصباغ، والتفسير والمفسرون امحمد حسين الذهبي، وأصول التفسير وقواعده لخالد عبد الرحمن المك.
