مقدمة
أحمد الله القدوس السلام.. الهادي برضوانه سبل السلام.. وأصلي وأسلم على نبي الرحمة الداعي إلى المحبة والسلام.. محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ، ومن اتبعهم بإحسان..
وبعد :
فإن السلام مبدأ من المبادئ التي يتربَّى عليها المسلم، ويعمِّق مفهومه في نفسه ، ليكون أصلاً من أصوله ، ومعتقداً من دينه..لذلك جاء السلام ـ بلفظه ـ في القرآن الكريم يدور بين أربع وخمسين آية من آياته البينات ، ترشد إليه صراحة ، بل وتتنوع ألفاظه من السلام، إلى السِّلْم ، إلى السَّلْم ، إلى السَّلَم، موحية ضرورة السعي إليه ، وموجبة قيام الحياة عليه ..
كما جاء ـ بمعناه ـ في أكثر سور القرآن وآياته ، ليؤكد أنه الأصل في العلائق الإنسانية بين الأفراد والمجتمعات ، وبين الشعوب والأمم ، وليهيمن على دواعي الخوف والقلق ، كلما أوقدت نارٌ للحرب أطفأها ، وكلما جُمِّعت أسبابٌ للفتنة أبطلها ..
ومن يقرأ القرآن ويتلو آياته يتضح له أن القرآن يبني مجتمع الحق والعدل والفضيلة على معاني السلام ، ويصل إلى الخير والرشاد فيه على متن السلام ..
وهكذا كان السلام عند المسلمين، صفة الحياة الصالحة الطيبة، وسمة المجتمع الفاضل الراشد ، القائم على الترابط والإخاء والتعاون والولاء ..
ولن أقف كثيراً مع لفظ السلام ودورانه ووروده ومعانيه اللفظية في القرآن ، بل سأتجاوز ذلك إلى الاستفادة من كل آية توحي بالسلام أو تدعو إليه ، لأسهِّل على القارئ الولوج إلى قلب الموضوع وروحه ، حتى يعطي البحث ثماره وتقطف أزهاره.
ولهذا فقد جعلته من سبعة فصول بمقدمة وخاتمة :
1ـ مكانة السلام وفضله في الكون والدين ..
2ـ طريقة القرآن الكريم وأسلوبه في إفشاء السلام ..
3ـ سلام الأفراد..
4ـ سلام الأسرة ..
5ـ سلام المجتمع المحلي [ الدولة]..
6ـ سلام غير المسلمين في دولة الإسلام..
7ـ السلام العالمي وموقف الإسلام منه..
وهذا البحث وإن كان أصله قد قُدِّم في مسابقة البحوث عام 1990م وفاز بالجائزة الأولى بحمد الله وكرمه ومنِّه وتوفيقه ؛ إلا أن الداعي لتجديده ، والإضافة فيه هو ما وفق الله به دولة الإسلام الناشئة المحروسة بعين الله ورعايته فتوافق من تمرد وخرج مع أهل الحكم فوقعوا اتفاقية الخرطوم للسلام ..
فأرجو أن يكون منا إسهاماً في محله، يبين موقف الإسلام من السلام.
والله أسأله القبول والأجر ..
والحمد لله رب العالمين …
¯¯¯
عبد الله الزبير عبد الرحمن
صنعاء ـ 21يونيو 1997م
